Skip to Content Skip to Mainnavigation Skip to Meta Navigation Skip to Footer
Skip to Content Skip to Mainnavigation Skip to Meta Navigation Skip to Footer

المجتمع والأشخاص في وضعية إعاقة في ظل الأزمات

إن كل مواطن ومواطنة، من حيث هم أفراد قادرون على الإنتاج، يعتبرون موردا مهما تعتمد عليه الدول والحكومات، فتقوم بالاستفادة من هذه الطاقات لخلق تآزر مجتمعي. وعليه، فإن عليها أن تلعب دورها السيادي كضامنة لحقوق الإنسان، لحماية مواطنيها في أوقات الأزمات والتأكد من عدم تخلف أحد الركاب. إن استبعاد الأشخاص في وضعية إعاقة ليس فقط انتهاكا لحقوقهم الأساسية، ولكنه يعود بالضرر الدولة أيضا، ويهدد كل الجهود المبذولة على مستوى النمو الاقتصادي والتنمية البشرية ومكافحة الفقر. وهو ما يتطلب إدراكا واضحا للإعاقة في السياسات العامة بكفاءة وفعالية عبر تطبيق تدابير محددة وهادفة. 

تؤدي الإعاقة في غياب مثل هذه السياسات إلى الفقر وتفاقم تأثيره على الأسر المعوزة، وبناء على ذلك، فإنه من الضروري اليوم وضع سياسات عمومية شاملة تتماشى مع منهج قائم على الحقوق، لا سيما في أوقات الأزمات. سياسات تروم بناء مجتمع شامل يسهل الولوج إليه من طرف الجميع، حيث يتمتع الأشخاص في وضعية إعاقة بجميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية، بشكل فعال على أساس تكافؤ الفرص مع الآخرين.

وبناءا على التزامات المغرب بهدف مكافحة الفقر وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، تنص الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (CRDPH) في المادة 11 منها على أن تتخذ الدول الأطراف، وفقًا لالتزاماتها بموجب القانون الدولي، ولا سيما القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان ، جميع التدابير اللازمة لضمان حماية وسلامة الأشخاص في حالة إعاقة المعرضين للخطر، بما في ذلك النزاعات المسلحة والأزمات الإنسانية والكوارث الطبيعية، وهي أول معاهدة لحقوق الإنسان تلفت الانتباه إلى قضية الأشخاص في وضعية إعاقة وحالات الطوارئ. كما يحدد الدستور المغربي في مادته الأولى أسس نظام مجتمعنا، حيث ينادي بالفصل بين السلطات والديمقراطية التشاركية المرتبطة بمفهوم المواطنة، والحكم الرشيد والمساءلة. ويكرس في ديباجته محاربة التمييز المبني على أسس مختلفة، آخذا بعين الاعتبار الفئات المستضعفة في المجتمع. ويؤكد الفصل 40 من الدستور على ضرورة تضامن الجميع في مواجهة الكوارث الطبيعية: "على الجميع أن يتحمل، بصفة تضامنية، وبشكل يتناسب مع الوسائل التي يتوفرون عليها، التكاليف التي تتطلبها تنمية البلاد، وكذا تلك الناتجة عن الأعباء الناجمة عن الآفات والكوارث الطبيعية التي تصيب البلاد ". إن التآزر والتضامن بين المغاربة في أوقات الأزمات، يبين الإمكانات التي يمكن أن توفرها هذه الثقافة في خدمة تماسك المجتمع ببلدنا.

"إن الإعاقة في الحقيقة، لا تعني فئة أو أقلية وحسب، إنها تهمّ غالبية أفراد المجتمع في مرحلة ما في حياتهم جميعا."

بولدوك، 1988

عرفت مختلف المجتمعات في ظل جائحة كورونا التي عرفها العالم، زيادة كبيرة للغاية في عدم الاستقرار وغياب المساواة، وذلك ما يبدو جليا من خلال متابعة الدراسات والتقارير التي قامت بها المؤسسات المعنية (HCB، CESE…). ذلك أن آثار هذه الأزمة قامت بكشف نقاط ضعف نظام الحماية الاجتماعية على المستوى العالمي. وهي دروس كثيرة وجبت الاستفادة منها من البرامج الوطنية اللاحقة، ومنها الورش الهيكلي لتعميم غطاء الحماية الصحية بحلول سنة 2025، وذلك حتى لا تهمش فئة معينة وتحرم من الاستفادة.

 أظهرت الدراسة الوطنية حول إدماج بُعد الإعاقة في السياسات العمومية لإدارة أزمة كوفيد 19 في المغرب، والتي قامت جمعية الحمامة البيضاء بإعدادها، أن الأشخاص في وضعية إعاقة هم من بين الفئات الأكثر تضررا بسبب هذه الأزمة. كما بينت أن السياسات العمومية الموجهة لجميع المواطنين لا تفيد الجميع بشكل تلقائي إذا لم تأخذ بعين الاعتبار أوضاعهم الخاصة، وبالتالي وجب اتخاذ تدابير محددة لاستهدافهم. وحسب نفس الدراسة فإن جميع المعطيات والمؤشرات، تسلط الضوء على أن البنية التحتية للخدمات الموجهة للأشخاص في وضعية قبل الجائحة، كانت تعرف ضعفا وخصاصا كبيرين، ولم تقم الجائحة إلا بكشف هذا الضعف وجعل الأمور أكثر سوءا. ويتجلى ذلك في مستويات مختلفة، من قبيل ضعف الولوج إلى المعلومات الخدماتية، المعلومات المتعلقة بتدبير الجائحة والتعليمات الوقائية الرسمية. 

ومن بين الأرقام الصادمة التي عرضتها الدراسة بخصوص ممارسة الأشخاص في وضعية إعاقة لحقوقهم الأساسية، نجد أن معدل الاستفادة من الخدمات ينخفض من 23.25% قبل الجائحة إلى 15.34% خلالها، ثم 18.04% بعدها. وتقدم الدراسة مجموعة من الخلاصات المهمة بخصوص تأثير الجائحة على ولوج الأشخاص في وضعية إعاقة للتعليم والشغل والمعلومة…  وذلك في ظل الشح الكبير على مستوى المعطيات النظامية المتعلقة بوضعية الأشخاص في وضعية إعاقة خلال فترة الجائحة. وتعتبر هذه الدراسة مرجعا مهما يسلط الضوء على هشاشة فئة الأشخاص في وضعية إعاقة والخطر الذي قد تتعرض له عند الأزمات.

المراجع:

  • RAPPORT DE L’ETUDE NATIONAL SUR L’INTEGRATION DE LA DIMENSION HANDICAP DANS LES POLITIQUES PUBLIQUES DE LA GESTION DE LA CRISE COVID19

  • GUIDE PRATIQUE: LINTEGRATION DE LA DIMENSION DU HANDICAP DANS LES POLITIQUES PUBLIQUES RELATIVES A LA GESTION DES CRISES

  • الدستور المغربي

  • موقع الأمم المتحدة، مقال "فيروس كورونا المستجد: من يحمي الأشخاص في وضعية إعاقة"


هل كان المقال مساعدا؟

الإبلاغ عن خطأ؟ تقرير الآن.

ابحث عن إجابات لجميع أسئلتك في المنتدى